هل يمكن الاستغناء عن الفرضية في المنهج التجريبي؟

هل يمكن الاستغناء عن الفرضية في المنهج التجريبي؟

طرح المشكلة:


  نظرا للنقد اللاذع الذي وجهه الفيلسوف الانجليزي فرانسيس بيكون 1561-1626إلى المنطق الصوري، وخاصة نظرية القياس باعتبارها تحصيل حاصل لا يحمل اي جديد، اسس بيكون منهجا جديدا يهتم بدراسة مادة الفكر الطبيعة جسد بحثه في كتابة الأرغانون الجديد أو الآلة الجديدة وهو ما يعرف الآن بالمنطق المادي او المنهج التجريبي أو المنهج الاستقرائي، ولمعرفة الطبيعة معرفة صحيحة لابد من اعتماد الملاحظة والتجربة و الفرضية التي تجادل الفلاسفة حول اهميتها و انه يمكن الاستغناء عنها في حين ذهب فريق اخر الى اعتبارها خطوة غير مهمة و يجب الاستغناء عنها، من هذا كله و جب أن نتساءل هل الفرضية العلمية ضرورية في المنهج العلمي؟

محاولة حل المشكلة:
الموقف الأول:

الفرضية ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها وتعتبر من الخطوات الاجرائية الاساسية في المنهج الاستقرائي، وفي سعيه للوصول إلى القانون العلمي لأنها تمثل تصورا أو تفسير عقلي للحوادث، فهي تدل على قدرة العالم على تصور واقع معين يتحكم في الظواهر المراد تفسيرها، لذا فهي تمثل الخطوة التمهيدية للقانون العلمي، ومشروع يطل التحقق والاثبات ويوضع إما لكشف عن العلاقات الثابتة في الطبيعة، وهذا ما يؤكده العالم البيولوجي كلود برنارد: «إن الفرض هو نقطة الانطلاق الضرورية في كل استدلال تجريبي» ،فالفرض تفسير عقلي يضعه العالم من اجل تحليل ملاحظاته واكتشاف شروطها. وهذا ما يؤكده ايضا العالم الفرنسي هنري بوانكاري:ََ «إن الملاحظة والتجربة لا تكفيان لإنشاء العلم فمن يقتصر عليهما يجهل صف العلم الأساسية» فهدف العلم هو الوصول إلى قانون علمي يفسر الظاهرة المدروسة وبالتالي امكان التنبؤ بها مستقبلا. ومن الأمثلة التي تبين كيف أن العالم يغني المعطى التجريبي بحوادث مفترضة مثلما حدث في فلورنسا حيث لاحظ السائقون أن الماء لا يرتفع في المضخات الفارغة اكثر من 10.33م وهذا ما جعلهم يشكون في تفسير أرسطو الذي يقول إن الماء يرتفع بواسطة المضخة لأن المضخة إذا أفرغت من الهواء والطبيعة تكره الفراغ لهذا فالماء يرتفع لملء هذا الفراغ لكن هذا التناقص دفع تورشلي إلى أن يفترض تفسيرا جديدا افترض وجود ضغط جوي وبه فسر وقوف الماء عند 10.33م لا اكثر فتورشلي لم يشاهد ظاهرتين متلازمتين في الحضور عدم ارتفاع الماء اكثر من 10.33م من جهة ووزن الماء من جهة أخرى بل شاهد فقط الظاهرة الأولى أما الثانية فهي من قبيل الخيال والذهن ولولا هذا الإبداع على حد تعبير برانشفيك لما وصل إلى فهم الظاهرة .
النقد
لكن الفرضية العلمية هي عبارة عن تكهن العالم او الباحث و بالتالي يستحيل التنبؤ في بعض الحالات و عليه الفرضية العلمية غير ضرورية و يجب التخلي عنها .
القضية الثانية:
يمكن الاستغناء عن الفرضية العلمية حيث يرى الانجليزي جون استيوارت ميل 1873-1806-أن الفرضية أمر ثانوي في المنهج التجريبي ،بل يمكن الاستغناء عنها فليس لمبادرة الباحث أي دخل في اعداد المعرفة العلمية على اساس أن الفرض تفسير عقلي سابق عن التجربة،نتاج الخيال وبالتالي اعتبروها نوعا من الذاتية تعيق البحث العلمي،عدا كونها تفيد الظن والاحتمال حيث يقول غوبلو: « الفرض قفزة في المجهول،»لهذا يقول ما جندي لتلميذه كلود برنارد: « اترك عباءتك وخيالك عند باب المختبر»،وتنسب إلى نيوتن ت1727 عبارة مشهورة تقول إني لا أكون فروض!لأنه أراد أن ينبهنا إلى خطورة التمادي في الافتراضات خاصة الميتافييزيقية التي لا يمكننا أن توصلنا إلى حقيقة علمية.لذا يرى استيوارت ميل أن الملاحظة والتجريب كافيان للوصول إلى الحقيقة وحدد مجموعة من القواعد والشروط وهي مجموعة من الخطوات التجريبية استوحاها من جداول بيكون سماها قواعد الاستقراء وتتمثل هذه الطرق في طريقة التلازم او الاتفاق في الحضوروهي تقوم على أساس التلازم بين العلة والمعلول في الوجود أو الحضور، فإذا لاحظ العالم أن الحالات المختلفة للظاهرة (ب) تتبعها دائما الظاهرة(أ) يستنتج مباشرة من خلا ل ملاحظته المتكررة هذا التلازم في الحضور أن بينها علاقة سببية ،ومثال ذلك كلما كانت وصلت درجة الحرارº100(أ) ، يحدث للماء غليان وتبخر(ب). ويعرفه استوارت ميل:« إذا اتفقت حالتان او اكثر للظاهرة المراد بحثها في ظرف واحد فقط،فهذا الظرف الوحيد الذي تتفق فيه جميع هذه الحالات هو السبب في هذه الظاهرة ،و طريقة التلازم أوالاتفاق في الغياب،هي عكس الطريقة السابقة،تقوم على أساس التلازم بين العلة والمعلول في الغياب،فإذا غابت العلة غاب المعلول ،ومثال ذلك إذا حذفنا عنصر الهواء لا يحدث التعفن .وقد طبقها الطبيب لويس باستور في النصف الثاني في القرن19م في تجربته عن ظاهرة التعفن. و ايضا/طريقة التلازم في التغير/ طريقة التغير النسبي كل تغير يقع في حادثة ما يتبعه ويلازمه تغير في حادثة اخرى نستنج أن بين الظاهرتين المتلازمتين في التغير علاقة سببية،ومثال ذلك تجربة باسكال التي قام بها لإثبات العلاقة بين ارتفاع الزئبق والهواء.و اخيرا الفرضية ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها وتعتبر من الخطوات الاجرائية الاساسية في المنهج الاستقرائي، وفي سعيه للوصول إلى القانون العلمي لأنها تمثل تصورا أو تفسير عقلي للحوادث، فهي تدل على قدرة العالم على تصور واقع معين يتحكم في الظواهر المراد تفسيرها، لذا فهي تمثل الخطوة التمهيدية للقانون العلمي، ومشروع يطل التحقق والاثبات ويوضع إما لكشف عن العلاقات الثابتة في الطبيعة، وهذا ما يؤكده العالم البيولوجي كلود برنارد: «إن الفرض هو نقطة الانطلاق الضرورية في كل استدلال تجريبي» ،فالفرض تفسير عقلي يضعه العالم من اجل تحليل ملاحظاته واكتشاف شروطها. وهذا ما يؤكده ايضا العالم الفرنسي هنري بوانكاري:ََ «إن الملاحظة والتجربة لا تكفيان لإنشاء العلم فمن يقتصر عليهما يجهل صف العلم الأساسية» فهدف العلم هو الوصول إلى قانون علمي يفسر الظاهرة المدروسة وبالتالي امكان التنبؤ بها مستقبلا. ومن الأمثلة التي تبين كيف أن العالم يغني المعطى التجريبي بحوادث مفترضة مثلما حدث في فلورنسا حيث لاحظ السائقون أن الماء لا يرتفع في المضخات الفارغة اكثر من 10.33م وهذا ما جعلهم يشكون في تفسير أرسطو الذي يقول إن الماء يرتفع بواسطة المضخة لأن المضخة إذا أفرغت من الهواء والطبيعة تكره الفراغ لهذا فالماء يرتفع لملء هذا الفراغ لكن هذا التناقص دفع تورشلي إلى أن يفترض تفسيرا جديدا افترض وجود ضغط جوي وبه فسر وقوف الماء عند 10.33م لا اكثر فتورشلي لم يشاهد ظاهرتين متلازمتين في الحضور عدم ارتفاع الماء اكثر من 10.33م من جهة ووزن الماء من جهة أخرى بل شاهد فقط الظاهرة الأولى أما الثانية فهي من قبيل الخيال والذهن ولولا هذا الإبداع على حد تعبير برانشفيك لما وصل إلى فهم الظاهرة .
النقد

 ان القول بأن الفرضية العلمية غير مهمة مبالغ فيه فلقد تعرضت الطرق التي قدمها ميل للنقد الشديد من طرف العديد.كونها غير يقينية و لا تصدق على كل أنواع البحث العلمي.



التركيب
لا يمكن الغاء الفرضية العلمية فبدون الفرض العلمي  لا يقوم نشاط علمي وبدون عقل مفكر يجمع بين الحوادث لا يحصل إدراك ولا معرفة وعليه تبقى الفرضية من اكبر خطوات المنهج التجريبي فعالية وقد أكد غاستوب باشلار على المعنى التكاملي بين كل من الفرض والتجربة فالفرض الفاشل يساهم في إنشاء الفرض الناجح عن طريق توجيه الفكر .

حل المشكلة
لا يمكن إنكار دور الفرضية أو استبعاد آثارها من مجال الفكر والتفكير عامة لأنها من جهة أمر عفوي يندفع إليه العقل الإنساني بطبيعته ومن جهة أخرى وهذه هي الصعوبة تعتبر أمرا تابعا لعبقرية العالم وشعوره الخاص إن مصير الرحلة يتوقف على نقطة الانطلاق ويعترف كلود برنار بأنه ( لا توجد قاعدة لتوليد فكرة صحيحة في ذهن العالم إثر ملاحظة من الملاحظات ولكن الفكرة إذا تولدت أمكننا أن نخضعها لقواعد دقيقة لا يستطيع المجرب أن يبتعد عنها ) وما يطمح إليه العلم لا يتحقق على الوجه الأكمل إلا بالانتقال من الفرضية إلى القانون .

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل الفرضية خطوة مهمة في المنهج التجريبي؟

هل يمكن تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية؟ملخص عاى شكل عناصر للحفظ و التوسع الذاتي بعد الفهم من القناة

هل تقدم العلوم وانفصالها عن الفلسفة سوف يجعل منها مجرد بحث لا طائل منه ؟