مقال فلسفي حول مشكلة العادة و الإرادة؟ ملخص للحفظ

مقال فلسفي حول مشكلة العادة و الإرادة:
هل العادة سلوك سلبي يعيق التكيف أم أنه إيجابي يساعدنا على التأقلم مع المحيط الخارجي؟
طرح المشكلة:
لاشك أن الانسان يسعى إلى التكيف وحفظ البقاء بغية الاتصال بالعالم الخارجي وهذا ما جعل منه يسعى إلى اكتساب أفعال بموجبها يحقق ذلك إلا أن ما كان محل اختلاف بين الفلاسفة والمفكرين يعود إلى طبيعة الأفعال التي تحقق له التكيف فهناك من يعتقد أن الأفعال الاعتيادية هي التي تحقق له ذلك بينما يرى البعض الآخر أنه يتكيف بالأفعال الإرادية، ومنه نطرح الاشكال التالي: أي الأفعال تحقق الكيف بالنسبة إلى الانسان الارادة أم العادة؟
ان تكيف الكائن الحي مع بيئته التي يعيش فيها هو أحد الشروط الضرورية لبقائه و استمراره, أي أن التفاعل مع مقتضيات الحياة و تحصيلها و فهمها يتطلب منا تحليلها, لذلك يلجأ الانسان الى العديد من الأفعال التعودية المكسبة أي العادة , و التي تعرف على أنها قدرة مكتسبة على أداء العمل بطريقة الية مع السرعة و الدقة و الاقتصاد في الوقت و المجهود فاذا كان الاتفاق قائما بشأن مفهومها فان أثارها وقع فيها جدل بين الفلاسفة و المفكرين, فهناك من يرى أن العادة سلوك إيجابي فعال يحقق التكيف و بنقيض ذلك هناك من يرجعها الى أنها سلوك سلبي يعيق التكيف و من هذا الاختلاف و التباين في الأفكار نطرح المشكلة التالية هل العادة انحراف أم تكيف؟
محاولة حل المشكلة:
الموقف الأول:
يرى أنصار هذا الطرح أن العادة سلوك إيجابي فهي رصيد و تجربة هدفها التكيف كما أنها ساهمت و بشكل فعال في إزالة العناء و الشقاء عن حياة الانسان و يظهر ذلك من نواحي عديدة فعلى المستوى الجسدي و الحركي تساعد العادة صاحبها على توفير الوقت والجهد في أداء الأعمال و التكيف بسرعة مع المواقف الجديدة كما أنها كشف للمهارات و تجلي للروح يقول مودسيلي "لو لم تكن العادة تسهل علينا الأشياء لكان في قيامنا بوضع ملابسنا و خلعها يستغرق نهارا كاملا" ان كل الحركات الجسمية ما هي في الأصل الا نتيجة لعادة و الدليل على ذلك الرياضي الذي عود جسمه على بعض المهارات ,فهو يقوم بها بكل إرادة و حرية أما الذي لم يعود جسمه على ذلك فيصلب بتشنجات عضلية قال الان "ان العادة تمنح الجسم الرشاقة و السيولة" و قال أيضا " هي القدرة على أداء ما كان في بداية الأمر عاجزا عن أدائه" و يمكن أن نلاحظ ذلك الطفل الصغير أثناء تعلمه للكتابة ففي البداية تكون حركاته عنيفة و تشمل في ذلك الوقت التوتر العضلي للجسم كله, و لكن تزول رويدا رويدا و الفضل في ذلك يعود للعادة بحيث

تتحقق المهارة و السرعة في الكتابة قال وليام جيمس "يجب على المرء أن يحي في نفسه ملكة الجهد بالتمرن عليها كل يوم و ان يتعود على التقشف و البطولة المنظمة و ان يرغم نفسه كل أو يومين على القيام بأمور لا يميل اليها بالطبع ,فاذا دقت ساعة الشدائد وجد نفسه قادرا على الصبر و المقاومة تلك هي كفالة الحياة" كما يظهر فعالية العادة على المستوى النفسي فهي نموذج يمكن من التعامل مع الموضوعات المتشابهة مما يؤدي الى الشعور بالارتياح و الاستقرار و التوازن النفسي ,فهي نموذج يمكن من التعامل مع الموضوعات المتشابهة مما يؤدي الى الشعور بالارتياح و الاستقرار و التوازن النفسي فمن خلال السلوكيات التعودية



 النقد
ليست كل العادات أثارها ايجابية على السلوك إن لم يصاحبها الوعي والانتباه والتركيز. كما أن اكتساب بعض العادات يؤدي إلى الملل ومن ثم عدم الاقدام على الفعل والسلوك التعودي يشمل إرادة الانسان ويقتضي على روح الابداع، كما أن اكتساب بعض العادات يحط من القيم السامية بالنسبة للإنسان كتعاطي المخدرات والخمر.


الموقف الثاني:
الارادة هي التي تحقق التكيف حيث يرى الفلاسفة العقلانيون أن الأفعال الارادية هي التي تحقق التكيف بالنسبة إلى الانسان باعتبار أن الارادة هي القصد إلى الفعل أو الترك مع وعي الأسباب المؤدية إلى ذلك أو هي التي تدل على قدرتنا الكلية على الحياة النشطة فالفعل الارادي هو فعل واع يخلو من التلقائية والصدفة وسلوك مرتب ترتيبا منطقيا يمر بمراحل يتصورها العقل تتمثل/ـ الفعل الارادي فعل جديد: لأنه يحول العادة إلى فعل واعي الفعل الارادي فعل تأملي: الشخص يدرك أسباب القيام ـ الفعل الارادي فعل ذاتي: أي أنه يتبدل ويتغير بتغير الأفراد وتغير ظروفهم النفسية والاجتماعية والمادية.كما أن الفعل الارادي مع ما تمليه لنا عواطفنا وأهواءنا وغرائزنا وبتالي هو فعل موزون وخال من الشوائب كما أن بالإرادة يستطيع أن يتأقلم مع البيئة الاجتماعية والطبيعية كما أن للفعل الارادي شروط لا يتم إلا بها تصور المثل الأعلى ـ الايمان بالنفس، تنظيم الافكار وهذه الشروط لا نجدها في الافكار الغريزية أو التعودية.


النقدـ لكن الارادة لا تخلو من الحياة النفسية لأنه قد تتغلب الأهواء والعواطف بالفعل الواعي وتطابعه بطابع خاص وهذا ما جعل من الفعل الارادي الواعي ينقلب إلى ضده وهذا يؤدي إلى عدم تحقيق التكيف كما أن الكثير من العادات التي اكتسبها الانسان والمرتبطة بالجانب النفسي لم يستطيع الانسان بإرادته تجاوزها كما أن الارادة تولد من رحم ميول الانسان وأهوائه وتبحث عن الاشباع وعندئذ لا يحدث التكيف إلا بشكل نسبي وقد لا يحدث تماما.



ا 

التركيب:
إن التكيف لدى الانسان يقتضي التوزان بين الفعل الارادي والفعل التعودي، فالتكيف يتم عن طريق الوعي باعتبار أن الانسان كائن عاقل ، وعن طريق الوعي يكتسب مجموعة من السلوكيات عن طريق التكرار تسمى العادة ومن ثم فإن العادات التي يكتسبها الانسان تكون واعية إلا أن الوعي يقيل فيها عند التعود عليها وهذا ليس دليلها على خلوها من الوعي وإنما لتعود الانسان فقط يقل تركيزه.
حل المشكلة
نستنج مما سبق أن العادة والارادة وظيفتان نفسيتان متكاملان في تحقيق التكيف بالنسبة للإنسان ، فلعادة متصلة بالإرادة لأنه لا يمكن اكتساب أفعال تعودية إلا عن طريق الارادة ، كما أن ضغط الارادة وقوتها يرتبط بفعل الممارسة والتكرار والتمرين.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل الفرضية خطوة مهمة في المنهج التجريبي؟

هل تقدم العلوم وانفصالها عن الفلسفة سوف يجعل منها مجرد بحث لا طائل منه ؟

هل يمكن تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية؟ملخص عاى شكل عناصر للحفظ و التوسع الذاتي بعد الفهم من القناة