هل أصل المفاهيم الرياضية تجريدي أم تجريبي؟ ملخص على شكل عناصرللحفظ مباشرة

مقال فلسفي حول

هل أصل المفاهيم الرياضية تجريدي أم تجريبي؟ ملخص على شكل عناصر

طرح المشكلة

تعتبر الرياضيات من أقدم العلوم نشأة و أول العلوم انفصالا عن الفلسفة وبما أن المفاهيم الرياضية في مجالي الهندسة و الجبر، مفاهيم عقلية مجردة ، فهل هذا يعني أن اصلها العقل و أنه لا صلة لها بالواقع المادي؟ وما طبيعة البرهان الرياضي؟ و اذا كان الاستدلال الرياضي هو النموذج الذي تطمح له كل معرفة لضمان اليقين ،فهل معنى ذلك أن اليقين الرياضي مطلق؟

محاولة حل المشكلة:

الموقف الأول:

يرى أنصار هذا الاتجاه أن العقل هو مصدر كل المعارف بما فيها المفاهيم الرياضية و الحواس خادعة.

·        أفلاطون: يرى أن المفاهيم الرياضية كالخطوط والأشكال والأعداد توجد في العقل، وكان الإنسان على علم بها عندما كان في عالم المثل ، ولكن عندما فارق هذا العالم ـ إلى العالم السفلي ـ نسي هذه الحقائق ولكنه بقي يدركها ويتذكرها في الذهن ـ العقل ـ إذن المعرفة تذكر. يقول أفلاطون:(إن العلم قائم في النفس بالفطرة والتعلم مجرد تذكر له ولا يمكن القول أنه اكتساب من الواقع المحسوس)

·        رونيه ديكارت: يرى أن كل المفاهيم الرياضية والمعاني وحتى فكرة وجود الله فطرية وسابقة عن كل تجربة حسية.

الحجج: ·        لو كانت المفاهيم الرياضية مستوحاة من التجربة الحسية لامتلك الحيوان مثل هذه المفاهيم. ·        المفاهيم الرياضية فطرية تولد مع الإنسان وهذا عند ديكارت، وهي أفكار تتميز بالبساطة والدقة والمطلقية والثبات، فهي لا تخطأ لأن الله أودعها في عقل الإنسان مثل: الكل أكبر من الجزء قضية واضحة تشترك لدى جميع العقول. ·        المفاهيم الرياضية تمتاز باليقين والثبات والمطلقية وهذا ما يدل على أن مصدره العقل، لأن:" العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس"حسب ديكارت .

إيمانويل كانط: أصل المفاهيم الرياضية هو العقل، ودليل ذلك أن مقولة الزمان هي مقولة فطرية قبلية سابقة لكل ما هو تجريبي.

النقد:

·        أهمل هذا الموقف  دور الحواس في اكتساب المفاهيم الرياضية.

·        لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية لتساوى الناس في إدراكها.

·        هناك مفاهيم مأخوذة من الواقع الحسي مثال: النقطة من قطرة الماء....

2 النزعة التجريبية

     يرى هذا الاتجاه أن كل المعارف بما فيها المفاهيم الرياضية مستوحاة من التجربة الحسية، " فلا يوجد في العقل إلا ما مر على الحواس". وهذا ما دعا إليه:

·        دافيد هيوم: يرى أن المفاهيم الرياضية مأخوذة ومستوحاة من الواقع الحسي، ففي العالم الخارجي أشكال ورموز نقلت إلى العقل عن طريق الحواس، ومن ثم قيل:" فاقد الحاسة فاقد للمعرفة".

جون ستيوارت ميل: يرى أن الأشكال والخطوط والأعداد التي يحملها في ذهنه هي عبارة عن نسخ للنقاط والخطوط التي عرفها بواسطة حواسه. حيث قال" ان النقط و الخطوط و الدوائر التي يحملها كل واحد في ذهنه هي مجرد نسخ من تلك التي عرفها في التجربة"

الحجج:

·        علم النفس يؤكد أن الطفل لا يعرف الأعداد والدوائر في السنوات الأولى من عمره.

·        اعتبر "جون لوك"الإنسان يولد صفحة بيضاء وعن طريق التجربة يبدأ في اكتساب المعارف بما فيها المفاهيم الرياضية.

·        الإنسان البدائي لا يستطيع العد أكثر من خمسة وهذا دليل على أنها ليست فطرية.

·        تاريخ العلم يؤكد أن تطور الهندسة قبل الجبر لأن الهندسة مرتبطة أكثر بالواقع الحسي ( الهندسة عند الفراعنة تطبيقية).

النقد:

·        المفاهيم الرياضية ليس لها ما يقابلها في الواقع وهي مجردة خيالية نابعة من العقل، مثل: الاصفر هو عقلي مجرد.

·        أهمل هذا الاتجاه دور العقل .

·        لو كانت الفاهيم الرياضية حسية لاستطاع الحيوان ايضا التعرف عليها.

التركيب:

المفاهيم الرياضية توليف بين العقل و التجربة الحسية:

     يرى العالم السويسري ـ فردناند غونزيث ـ أنه ليست هناك معرفة تجريبية خالصة ولا معرفة عقلية خالصة، بل كل ما هنالك أن أحد الجانبين ـ العقلي والتجريبي ـ قد يطغى على الآخر دون أن يلغيه تماما.و الدليل على ذلك ان تعلم الطفل للحساب يبدأ بأدوات حسية ثم تصبح لديه مفاهيم عقلية.اذن الرياضيات نشأت عن طريق التدرج بداية بالحواس ثم العقل.

حل المشكلة:

يقال أن  الفلاسفة العقليين "كالعنكبوت تنسج خيوطها من نفسها، والتجريبيين كالنحلة تجني من محيطها ثم تستهلكها، لهذا جمعت الفلسفة النقدية الكانطية بين العقل والحس، فلا يجوز رفض مذهب لصالح آخر فكلاهما صادق في سياقه.